تنوع الوسائل لتحقيق الإبداع
تخيل نجارًا أو نحاتًا يعتمد على أداة واحدة فقط في كل أعماله. هذا الأمر يبدو مستحيلًا، فالحرفيون يدركون أن كل أداة لها وظيفة محددة، وأن التنوع في استخدام الأدوات هو ما يمكنهم من تحقيق إبداعاتهم. قد يحبون أدواتهم ويعتنون بها، بل ويطلقون عليها أسماء أحيانًا، ولكنهم لا يترددون في استبدالها أو تنويع استخدامها وفقًا لمتطلبات العمل.
لنأخذ المصورين كمثال آخر. المصور المحترف لا يقتصر على استخدام عدسة واحدة في كل لقطاته. فهو يختار العدسة المناسبة لكل مشهد، سواء كانت عدسة واسعة لالتقاط المناظر الطبيعية أو عدسة مقربة لتفاصيل دقيقة. هذا التنوع في الأدوات يتيح له نقل رؤيته الفنية بطرق متعددة ومبتكرة
المبتدئون والأداة الواحدة
غالبًا ما يلتزم المبتدئون بأداة واحدة أو مجموعة محدودة من الأدوات، ربما لشعورهم بالراحة أو الألفة معها. لكن هذا الالتزام يمكن أن يتحول إلى قيد يحدّ من إمكانياتهم. فالخبير هو من يتحرر من هذه القيود، ويستطيع استخدام أي أداة أو تقنية لتحقيق رؤيته الفنية.
يقول المثل الشعبي: “الشاطرة تغزل برجل حمار”. ورغم بساطته، إلا أنه يحمل معنى عميقًا؛ فالمهارة الحقيقية تكمن في القدرة على الإبداع باستخدام أي وسيلة متاحة دون التقيد بأداة معينة. وكما ترى، فإن (الشاطرة) لم تكتفِ بأدواتها التقليدية، بل تستطيع استخدام (رجل الحمار) إذا اضطرت لذلك لإخراج رؤيتها الفنية.
الذكاء الاصطناعي: فرصة أم تهديد؟
مع انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي، يشعر البعض بالتهديد، خاصة أولئك المرتبطين بأدواتهم التقليدية. لكن هذه الأدوات ليست سوى تطور طبيعي، شأنها شأن أي اختراع جديد.
على سبيل المثال، في نسخته الأولى، كان برنامج الفوتوشوب عبارة عن طبقة واحدة فقط، مثل برنامج الرسام، ولم يكن يحتوي على ميزة التراجع (CTRL+Z) التي تنقذ الملايين يوميًا. كما تمت معارضته في البداية من قِبل الرسامين التقليديين الذين اعتبروه برنامجًا فاشلًا وغير مستقر ولا فائدة منه. ولكن انظر الآن كيف يعتمد عليه الجميع! وينطبق هذا بالطبع على جميع برامج أدوبي الشهيرة.
العقل هو الأداة الأهم
لا تقع في غرام أدواتك. اجعل عقلك هو أداتك الأهم، واستخدمه لتطويع أي وسيلة من حولك لإخراج أفكارك إلى النور. الإبداع الحقيقي يكمن في القدرة على التكيف والتطور، واستخدام الأدوات كوسائل لتحقيق رؤيتك، دون أن تصبح هذه الأدوات قيودًا تحدّ من إمكانياتك.
صحيح… يمكن أيضًا استبدال “عقلك” بعقل الفريق الذي تعمل معه، ولكن لهذا مقال آخر يمكن كتابته. 😀
كتابة / عادل جمال
Leave a Comment