مر وقت طويل منذ نشري أخر مقابلة مع الفنان مرشدي لأني أراعي دائما حسن اختيار من أجري معهم مقابلات و ذلك لتحقيق اقصي استفادة لمتابعي المدونة. اليوم انشر لقاء مطول مع الفنان المصور هابي خليل مدير تصوير فيلم (في يوم) الذي ذاع صيته مؤخرا و كان ضمن الأفلام المشاركة في مهرجان القاهرة السينمائي الأخير. هابي مصور مصري من مواليد مدينة الإسكندرية عمل علي انتاج العديد من الحملات الإعلانية جاري مناقشتها في المقابلة التالية.
س1 : عرفنا بنفسك ؟
هابي خليل، مصور فوتوغرافي، نشأتي كانت في مدينة الاسكندرية حيث بدأت علاقتي بالفن، فوالدي كان عاشقا للرسم الزيتي ولاحظ اهتمامي به منذ الصغر، وفي عمر العاشرة بدأت دروس الرسم لأجد نفسي متعلق كليا بالاعمال الفنية وتوثيق اللحظات.
خلال دراستي الاكاديمية في مجال ادارة الأعمال وجدت نفسي مهتم اكثر بالمجالات الفنية فقررت الاتجاة لدراسة الفنون البصرية ومدارسها المختلفة لتمكني في وقت لاحق ان اضع قدمي علي بداية طريقي كمصور محترف.
وفي خلال الثماني سنوات السابقة استطعت بنجاح ان اضيف الي سجلي الفني العديد من الحملات الدعائية الضخمة لكثير من شركات الدعاية العالمية، وقد تم نشر العديد من أعمالي في عدد كبير من المجلات الفنية و الإصدارات ومؤخرا حصلت علي عدة جوائز أضافت الكثير لرصيدي الفني.
س2 : تحدث معنا عن بدايتك مع مجال التصوير ؟
في خلال عامي الخامس من ممارسة عملي كمخرج في مجال الأنيميشن “Animation Director” اصبت بحالة من الاحباط الشديد بسبب عدم تناغم احلامي مع متطلبات السوق في ذلك الوقت وأن العديد من المشاريع التي قمت بالعمل عليها – ان لم يكن جميعها – هي مشاريع صغيرة لا ترتقي للمستوى المنشود اضف الى ذلك صعوبة اقناع العميل بحجم المجهود والوقت الذي يتطلبه هذا النوع من العمل وبالتالي صعوبة اقناعه بالتكلفة المرتفعة.
كانت علاقتي بالتصوير الفوتوغرافي في تلك الأثناء تنحصر في اطاري الهواية والتعليم، حيث كنت أحاول ان أصقل بها بعض المفاهيم الفنية المتعلقة بالكادر والتكوين وحجم العدسات والضوء وتأثيره وما الى ذلك، وفي احدى الايام تلقيت إتصال من صديق لي يدعوني فيه للمشاركة في مسابقة للتصوير الفوتوغرافي ينظمها مهرجان الفنون الأمريكية في مدينة الدوحة وكان تحت رعاية ناشيونال جيوجرافيك،
وكانت النتيجة حصول احدى لوحاتي المشاركة على المركز الثاني وتم دعوتي وتكريمي خلال دورة المهرجان. في هذه اللحظة بدأت بطرح أحدى الأسئلة المصيرية على نفسي، وهو ماذا لو قررت الانتقال الى عالم التصوير الفوتوغرافي وايقاف نزيف الوقت والأحلام وعدم الإستسلام لحالة الإحباط والقيود المفروضة من قبل السوق الذي لا أمتلك القدرة على تغيره.
وبعد فترة من القراءة والبحث أكتشفت أن مجال التصوير الدعائي “Advertising Photography” هو التخصص الأقرب اللذي سأتمكن فيه الأستفادة من الخبرة التي اكتسبها طيلة سنوات عملي في مجال الأنيميشن ودمجها مع التصوير الفوتوغرافي.
س3 : لاحظت علي صفحتك الشخصية خبر يفيد بفوزك بالمركز الثالث في مسابقة بموسكو. حدثنا عنها ؟
جائزة موسكو الدولية للتصوير MIFA هي من احدى المسابقات الحديثة في مجال التصوير، وبسبب النجاح الذي حققته على مدار العامين المنصرمين سرعان ما اعتبرت من أهم الأحداث الدولية في هذا المجال. هدفها الرئيسي هو تسليط الضوء على المصورين الموهوبين من جميع أنحاء العالم وتقديمهم الى المجتع الأبداعي داخل روسيا، ضمت لجنة التحكيم هذا العام العديد من الأسماء المرموقة في صناعة الفن على مستوى العالم.
تمت مشاركتي بها من خلال أربع مشاريع مختلفة وكانت النتيجة أن نال أحدهم الجائزة الثالثة في فئة الأعلانات ونالت المشاريع الأخرى أربع جوائز شرفية Honorable Mentionsفي أربع فئات مختلفة.
س4 : ما هي أهم الحملات الإعلانية التي شاركت بها ؟
هناك العديد من الحملات المهمة التي قمت بالعمل عليها ولكن دعنا نتحدث عن حملة “With You Since 1979” التي قمت بتصويرها مؤخرا لشركة الركن الرياضي “Sports Corner” القطرية والتي حازت على جائزة موسكو الدولية.
كما هو مبين من خلال شعار الحملة تصور الفكرة الرحلة التي رافق فيها الركن الرياضي الرياضين القطريين منذ أفتتاحه، ابتداء من نشأتهم مرورا بمراحل عمرهم المختلفة الى لحظة تحقيق أحلامهم والتي تم التعبير عنها عن طريق التسديد او التهديف الذي نجحوا في تحقيقه في نهاية المطاف.
في محاولة لتطوير الأخراج الفني للفكرة والحصول على أفضل نتيجة مرئية تم عمل رسم مبدئي بواسطة الكمبيوتر (Pre Visualization) الذي ساعدنا كثيرا في تخيل موقع وارتفاع الكاميرا لكل صورة بالإضافة الى تحديد اتجاه ومواقع اللاعبين بالنسبة الى الكاميرا.
من اكثر التحديات التي شغلت حيز كبير من تفكيري هو كيفية الحصول على أداء و حركات جسدية صحيحة تتطابق مع حركات الرياضيين المحترفين وكيفية صنع حركة انسيابية بين الشخصيات في المراحل العمرية المختلفة، الذي بدوره دفعني الى الإستعانة بلاعبين ومدربين حقيقيين للإشراف على اخراج الحركات بالشكل الصحيح, بالإضافة الى تأجير نظام الأسلاك المعلقة والذي يستخدم في الخدع السينمائية “cinematic special effects wiring system” لمساعدة اللاعبين على انجاز الحركات والأوضاع الهوائية الصعبة والتي تسبق عملية التهديف مباشرة. أضف الى تلك التحديات مشقة البحث عن شخصيات تحمل ملامح مشتركة في المراحل العمرية المختلفة.
تم تصوير جميع الشخصيات داخل الاستوديو على خلفية بيضاء في حين أن بناء الملاعب تم بواسطة الكمبيوتر.
س5 : من أهم المواضيع النقاشية بين المصوريين في هذه الأيام هي التي تتحدث عن التصوير الرقمي (Digital Photography)، هل تستخدم الكاميرات الديجيتال؟ وما تأثير التكنولوجيا الرقمية على تصويرك؟
انا من ابناء مدرسة التصوير الرقمي “Digital photography”، فمنذ دخولي مجال التصوير وأنا استخدم الكاميرات الديجتال وأعالج وألون صوري مستخدما الكمبيوتر ولحسن الحظ لقد تطورت صناعة الكاميرات الرقمية “Digital Cameras” لدرجات تكاد تتلاشى فيها الفروقات بينها وبين كاميرات الفيلم “Film Cameras”.
فيما يخص الpost production أعتقد ان المعالجة الرقمية “Digital processing” سلاح ذو حدين، فبينما أتاح امكانيات كبيره للمصوريين لمعالجة صورهم بشكل أسرع وأكثر فعاليه وأقل تكلفه إلا أن التمادي في الإعتماد عليه يهدد القيم الفنيه للتصوير برمتها، فتجد كثير من المصوريين الجدد يختذل الأبعاد الفنيه للصوره في مجرد المعالجه اللونيه وال Digital retouching للصور، مختلطا عليه الفرق بين التصوير الفوتوغرافي وال photo manipulation
س6 : ما رأيك بالنمط السائد حاليا بين المصورين و الا و هو تصوير المناسبات و خاصة الأفراح والمرتبطين جدد. أتري في هذا النوع من التصوير فن أم مجرد جودة معدات و عدسات ؟
التصوير هو احدى المجالات الفنية التي تتنوع فيها التخصصات مثله كباقي المجالات الفية الأخرى. جودة المعدات لا ترتبط اطلاقا بقدرتك او امكانياتك كفنان، حيث يظل العامل الأهم في جميع أنماط التصوير هو مدى توفر العناصر والمبادئ الفنية في الصورة مثل التكوين و الإضاءة والألوان وعمق الفكرة او المشاعر التي تولدها الصورة.
أما فيما يتعلق بإنتشار هذا التخصص أكثر من غيره فله العديد من الأسباب يأتي في مقدمتها الجانب الإقتصادى ففي ظل التقلبات الاقتصادية المستمرة والتي يظهر تأثيرها بوضوح في المجال الدعائي يحافظ قطاع الأفراح والمناسبات في الطلب و الإحتياج المستمر لهذه الخدمة دون التأثر بشكل كبير بالعوامل الأخرى، أضف الى ذلك أن معظم التعاملات في قطاع الأفراح تتم عن طريق الأفراد وليس الشركات أو بمعنى اخر تتم مع صاحب القرار مباشرة مما يجعل اتخاذ القرار أسرع وأقل تعقيدا. يأتي أخيرا عدم وجود التعقيدات المصاحبة للتصوير الدعائي حيث انه لا يتطلب هذا الحجم الكبير من فريق العمل أو المعدات والتحضيرات التي يتطلبها نظيره الدعائي.
س7 : هل تميل اكثر الي التصوير الدعائي أم التصوير الفني ؟
على الرغم من عملي لفترة طويلة كمصور دعائي وتحمسي الدائم لخوض التحديات الموجودة في كل عمل جديد، لكن سيظل العمل على فكرتك الخاصة والتي تمتلك فيها المساحة الكافية من التطوير بعيدا عن تدخل العديد من الأطراف أو محدودية الوقت أو الموارد هو الجزء الأكثر امتاعا على الأطلاق حتى وان صاحبها مجهود ذهني وبدني كبيرين.
س8 : حدثنا عن تجرتك كمدير تصوير لفيلم ” في يوم” ؟
“في يوم” هو فيلم روائي طويل وأول عمل سينمائي أشارك به كمدير تصوير وأيضا شريك في العملية الإنتاجية مع المخرج الواعد وصديقي كريم شعبان.
بدأت رحلتي في الفيلم في شهر مارس من عام 2013 عندما ألتقيت كريم وطرح أمامي الفكرة والتي نالت أعجابي الشديد ومن هنا كان قراري بالمشاركة.
أتخذ عملي كمدير تصوير في فيلم “في يوم” شكلا مختلفا عن النمط المتبع والمتعارف عليه، فلم تقتصر مهامي على الجزء المتعلق بالتصوير فقط، بل كان لحرصي على المشاركة والتواجد في كل المراحل التحضيرية التي تسبق العملية الانتاجية دورا هاما في توحيد الرؤية وخلق حالة من التلاقي الفكري بيني وبين المخرج وباقي فريق العمل. اتخذت هذه المشاركة أشكالا عديدة من أبرزها عملي جنبا الى جنب مع المخرج اثناء تطويره لتاريخ الشخصيات حددنا بعدها الإطار العام لشكل الصورة والايقاع الزمني المتبع على مدار الفيلم. يأتي بعد ذلك تواجدي في كل البروفات وورش التدريب الخاصة بالممثلين والتي كان لها اهمية كبيرة في فهم مراحل تطور الشخصيات داخل الدراما وكيفية توظيف الصورة لابراز وخدمة هذا التطور. ساهمت بدور فعال في اختيار أماكن التصوير والعمل مع المخرج الفني في تخطيط الديكورات وألوان الملابس لاخراج الصورة بالشكل المطلوب، واستمرت مشاركتي على هذا المنوال حتى وصولي الى المرحلة النهائية فيما يتعلق بالمونتاج وانتهاءا بتصميم شريط الصوت والتلوين.
الجدير بالذكر أن انتاج الفيلم تم بالتمويل الذاتي دون اللجوء الى طلب الدعم من أي جهة أو شركة، وقد كان أختيار الفيلم من قبل مهرجان القاهرة الدولي السينمائي للمشاركة في مسابقة افاق للأفلام العربية تتويجا للوقت والمجهود الكبيرين الذي تتطلبهما اخراج هذا العمل.
س9 : ما الفرق بين التصوير السينمائي و الفوتوغرافي بنظرك ؟
هنالك العديد من العوامل الفنية المشتركة بين المجالين فكلاهما صورة ثنائية الأبعاد يحدها اطار خارجي تختلف أبعاده بإختلاف الوسط الذي يتم عرضها من خلاله، ولكن الإختلاف يكمن في الجزء المتعلق بالحركة سواء حركة الكاميرا او حركة العناصر أمامها وأيضا الجزء المتعلق بكيفية خلق البناء البصري للفيلم وتوظيفه لخدمة المحتوى الدرامي.
س10 :ما هي الدلالات الواضحة التي يمكنني بها الحكم علي أي مصور ؟
اعتقد ان الصوره الناجحه هي التي تتخطى الجمال البصري لتستحضر معاني ومشاعر وذكريات لدى المشاهد، و بالحديث عن مجال ال Advertising & conceptual photography، ستظل ابداع الفكرة وبراعة إخراجها وتنفيذها هي مقياس العمل الناجح.
س11 : ما هي النصائح التي تقدمها للجدد بالمجال ؟
نصيحتي هي ان لا تحصر مسار تقدمك على الجانب التكنيكي فقط دون الجانب الفني فالإطلاع والتثقيف الفني، خاصة ما يتعلق بالمدارس والحركات الفنية، جزء مهم جدا في مشوار تطورك وتشكيل ملامحك الفنية. وبالتأكيد لا تتوقف عن التقاط الصور كلما سنحت لك الفرصة.
لمشاهدة أعماله اضغط هنا