إذا كنت من عشاق الفن، خاصةً فنون القرن الماضي وما قبله، فعليك مشاهدة فيلم “فينسنت المْحب”. الفيلم عبارة عن سرد متقن لأهم المراحل التي مر بها الفنان الهولندي فينسنت فان جوخ.
يرى البعض أنني أسهب في الحديث عنه مؤخرًا، وأنا أقول: تخيل نفسك تقضي عشر سنوات من البحث والرصد والفن والتعبير دون جدوى، دون تقدير، ودون حتى مصدر دخل. أمثال فان جوخ لم يتعاملوا مع الفن كأحد مصادر رزقهم كما يحدث الآن.
فينسنت تفرغ تمامًا لرصد تعبيرات يومية حوله، وابتكر اتجاهًا ونمطًا جديدًا من الرسم ظل مميزًا حتى الآن. لا تقلق، ليس من عادتي حرق أحداث فيلم لم تشاهده. الفيلم عمل فني بدرجة ممتازة.
وما أقصده هنا بعمل فني هو عدد اللوحات التي رسمت لكل مشهد، فكل مشهد في الفيلم عبارة عن لوحة مرسومة بالألوان الزيتية بنمط المدرسة الانطباعية، التي اعتاد فان جوخ التأثر بها وبنى عليها أغلب أعماله.
ومن خصائص هذه المدرسة، تسجيل الانطباعات المرئية ونقلها من الطبيعة مباشرة، ومعروف أن هذه المدرسة ازدهرت في القرن التاسع عشر.
شارك في العمل حوالي 125 رسامًا من دول مختلفة حول العالم، ساهموا بحوالي 65,000 لوحة زيتية، حيث عمل الفريق لخمس سنوات على رسم كل لقطة في الفيلم.
ومن أشهر فناني المدرسة الانطباعية (بول جوجان، فان جوخ، بيكاسو) وغيرهم الكثيرون.
بالرجوع للفيلم مرة أخرى، سنجد أنه عبارة عن رصد لآراء وانطباعات من عاصر وتعامل مع فان جوخ، بدءًا من عامل البريد الذي حرص على توصيل واستلام رسائل أخيه ثيو الذي كان يعوله آخر عشر سنوات قبل وفاته، وصاحب متجر اللوحات، وفتيات البار، ومشرف القوارب في المنطقة التي كان يعتاد فينسنت زيارتها والرسم بها. أشخاص مر عليهم خلال حياته وعمله.
وصولًا إلى معلم الرسم حاد الطباع الذي كان كلامه الأخير لفينسنت دافعًا للانتحار “بحسب الرواية”.
من السهل أن أحكي بقية الأحداث لكن متابعة الفيلم شيء آخر. لذا، إذا كنت مهتمًا بالفنون، شاهد الفيلم؛ فهو محاولة للتعرف على فنان مرهف الحس تأثر بكلام أحدهم فحاول قتل نفسه، الفنان المريض الذي استطاع أن يبدع ويقدم للبشرية محتوى بصري مميز باقٍ حتى الآن. فنان سعى كثيرًا للتقدير لكنه لم ينله في حياته، ورغم ذلك استمر في الإنتاج.
موقع الفيلم: lovingvincent.com